الاثنين، 28 أكتوبر 2013

رابعاً :ترجمة أبي جعفر النحاس شارح معلقات العرب



رابعاً : ترجمة أبي جعفر النحاس:
عصره ونسبه ووفاته:
عاش أبو جعفر النحاس في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع للهجرة في مصر، ونعتقد بأنّه عمّر طويلاً قياساً على كثرة آثاره وضخامتها،وأسماء الرجال الذين سمع عنهم وتتلمذ عليهم.
قال القفطي([1]):هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي،النحوي المصري المعروف بالنحاس([2])،وقيل([3]):ابن النحاس،وسماه آخرون([4]):(الصّفار)نسبة إلى عمل النحاس أوالأواني الصفرية.
لم تهتم كتب التراجم إلا بحياته التي برز فيها باعتباره أحد علماء مصر الذين يؤخذ عنهم،ويعتمد عليهم،فهي لم تذكر ولادته ،ولا نشأته،وكلّ ما يمكن معرفته عنه؛أنّه عاش في خلافة الراضي على رأس المائة الثالثة([5]).
تنقل في طلب العلم،فرحل إلى العراق،وسمع ببغداد،والأنبار،وبالكوفة،وبالرملة([6])،وعادإلى مصر فاستقرّ فيها إلى أنْ مات في يوم السبت لخمس خلون من ذي الحجة سنة:338هـ([7])، وقيل:سنة:337هـ([8]).
شيوخه:    
أخذ العلم عن شيوخ كثيرين،منهم بحسب تاريخ وفاتهم([9]):المبرد(أبوالعباس محمد بن يزيد)،والنسائي(أبوعبدالرحمن أحمد بن علي بن شعيب)،والأخفش(أبوالحسن على بن سليمان بن الفضل)،والزجاج(أبواسحاق إبراهيم بن السري بن سهل)،وابن كيسان(أبوالحسن محمد بن أحمد)،ونفطويه(أبوعبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان)،وابن الأنباري(أبوبكر محمد بن القاسم بن محمد بشار)،وابن الحداد(محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر).
وأضافتْ كتب التراجم آخرين غيرهم([10]).
تلاميذه:
قال ابن خلكان عنه([11]):"كان للناس فيه رغبة كبيرة في الأخذ عنه فنفع وأفاد"،فأخذ عنه العلم عدداً كبيراً أوردتهم كتب التواريخ والتراجم.
مكانته العلمية:  
طوّف النحاس في كثير من البلدان،والتقى بعدد كبير من العلماء،فأخذ عنهم،ثمّ عاد إلى مصر واستقرّ فيها يؤلّف ويدرّس،وعظمت مكانته بين معاصريه ووثقوا به،وأكثر المؤرخين من مدحه والإشادة بقيمته.
قال القفطي([12]):"كان النحاس واسع العلم،عزير الرواية،كثير التأليف...ولا يتكبّر أنْ يسأل الفقهاء وأهل النظر،ويفاتشهم عمّا أشكل عليه في تأليفه".وقال فيه ياقوت([13]):"صاحب الفضل الشائع،والعلم المتعارف الذائع الذي يستغنى بشهرته عن الإطناب في صفته".
ويكفينا منه قول الدكتور:أحمد مختار عمر([14]):"وأمّا أبو جعفر فكان نسيج وحده،ولم يترك باباً من أبواب الدراسات الإسلامية إلاطرقه وألّف فيه كُتب في القراءات،والتفسير،والحديث، الناسخ والمنسوخ،والنحو،وفقه اللغة،والأدب،ودوائر المعارف،وكان في كلّ ما يكتب موفقاً".
مؤلفاته:  
قال ياقوت عنها([15]):"إنّ تصانيفه تزيد على الخمسين كتاباً".وذكر اليافعي([16]):أنّ مصنفاته كثيرة،وهي بضعة عشر مصنفاً مما يتعلّق بالنحو والأدب ونحو ذلك مما يرجع إلى العربية".
منهجه في شرح للمعلقات:
 للنحاس في شرحه أسلوبه الذي امتاز به عن بقية شُرّاح المعلقات،فهو إذا أراد أنْ يشرح بيتاً تناول كلماته الغريبة ففسرها تفسيراً مختصراً،ثمّ انتقل إلى ما فيها من النحو فقلّب مسائله تقليباً مستشهداً بأقوال أئمّة النحاة،أو بآية قرآنية أوحديث شريف،أوبيت شعر،أوبقول،أومثل، ثمّ خلافات البصريين والكوفيين فيطبقها على هذه المسألة مرجّحاً هذا الرأي أوذاك،ومبيناً رأيه،ولا يترك البيت إلا بعد أنْ يتناول ما فيه من إشارات بلاغية،أوقضايا صرفية،أو عروضية،أو تاريخية،وقد أشار إلى منهجه هذا في أول شرحه بقوله([17]):"الذي جرى عليه أمر أكثر أهل اللغة الإكثار في تفسير غريب الشعر وإغفال لطيف ما فيه من النحو،واختصرتُ غريب القصائد السبع المشهورات،واتبعتُ ذلك ما فيها من النحو باستقصاء أكثره،ولم أكثر الشواهد،ولا الأنساب ليخفّ حفظ ذلك إنْ شاء الله".


[1])"إنباه الرواة على أنباه النحاة"،للقفطي،ج1،ص:104.
[2])"طبقات النحويين واللغويين"،للزبيدي،ص:239.
[3])"إنباه الرواة على أنباه النحاة"،للقفطي،ج1،ص:104.
[4])"نزهة الألباء في طبقات الأدباء"،لأبي البركات ابن الأنباري،ص:201.
[5])"صبح الأعشى"،للقلقشندي(أبو العباس أحمد بن على)،ط المطبعة الأميرية،القاهرة،1963،ج8،ص:147.
[6])"معجم الأدباء"،لياقوت الحموي،المجلد الرابع،ص:234.
[7])"إنباه الرواة على أنباه النحاة"،للقفطي،ج1،ص:104.
[8])"طبقات النحويين واللغويين"،للزبيدي،ص:240.
[9])انظر:"طبقات النحويين واللغويين"،للزبيدي،ص:108.وانظر:"نزهة الألباء في طبقات الأدباء"،لأبي البركات ابن الأنباري،ص:201. وانظر:"معجم الأدباء"،لياقوت الحموي،المجلد الرابع،ص:224.وانظر:"شرح شواهد المغني"،للسيوطي،تحقيق:أحمد ظافر خان،مصر، 1966م،845.وانظر:"إنباه الرواة على أنباه النحاة"،للقفطي،ج1،ص:104.وانظر:"البداية والنهاية"،لابن كثير،ج11،ص:123.وانظر: "شذرات الذهب في أخبار من ذهب"،لابن العماد،ج2،ص:239.وانظر: "الفهرست"،لابن النديم،ج1،ص:83.وانظر:"تاريخ بغداد"،للخطيب البغدادي،ج6،ص:160.وانظر:"مرآة الجنان وعبرة اليقظان"،لليافعي(أبو محمد عبد الله بن سعد اليمني)،بيروت،1970م،ج2،ص:161.
[10])"الوافي بالوفيات"،للصفدي،ج6،ص:143.وانظر"بغية الوعاة"،للسيوطي،ج1،ص:362.
[11])"وفيات الأعيان"،لابن خلكان،ج1،ص:82.
[12])"إنباه الرواة على أنباه النحاة"،للقفطي،ج1،ص:103
[13])"معجم الأدباء"،لياقوت الحموي،المجلد الرابع،ص:226.
[14])"تاريخ اللغة العربية في مصر"،لد.أحمد مختار عمر،مصر،1970،ص:63.
[15])"معجم الأدباء"،لياقوت الحموي،المجلد الرابع،ص:228.
[16])"مرآة الجنان وعبرة اليقظان"،لليافعي،ج2،ص:327.
[17])"شرح القصائد التسع المشهورات"،لأبي جعفر أحمد بن محمد النحاس ت:338هـ،تحقيق:أحمد خطاب،دار الحرية للطباعة،بغداد،1973م، القسم الأول،ص:97.
*) هذه النسبة إلى زوزن،وهي بلدة كبيرة حسنة بين هراة و نيسابور.وكان بعض الكبراء قال:زوزن هي البصرة الصغرى ــ لكثرة فضلائها و علمائها.انظر:"الأنساب"،للسمعاني،ج 2،ص:175.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق