الأحد، 11 فبراير 2018

نص أبيات قصيدة حاتم الطائي في الدفاع عن الجود 

إعداد وشرح وتحليل  .د .أبوهداية محمد إسماعيل محمد

التعريف بالشاعر حاتم الطائي:

هو حاتم بن عبد الله بن سعد الطائي ، شاعر جاهلي: كان جواداً يضرب بجوده المثل، وكانت زوجه تلومه على ذلك، فقال هذه القصيدة يرد عليها في لومها ويوضح رأيه في المال، ولماذا هو حريص على إنفاقه.
وفي هذه المحاضرة نعيش معه وهو يدافع عن الجود أمام زوجه التي تريد أن تثنيه عن جوده.
 نص عتابه لزوجته ماوية:
أماوِيّ ! قد طالَ التّجنّبُ والـهَجْرُ    وقد عَذَرَتني، من طِلابكُمُ، العذر
أماوِيّ! إنّ المالَ غادٍ ورائِحٌ ويبقى         ، من المالِ، الأحاديثُ والذّكر
أماوِيّ! إنّي لا أقولُ لسائِلٍ إذا                  جاءَ يوْماً، حَلّ في مالِنا نَزْر
أماوِيّ! إمّا مانِعٌ فَمُبَيَّنٌ وإمّا                         عَطاءٌ لا يُنَهْنِهُهُ الزّجْرُ
لا ينفعه ماله ولا يأخذ معه لقبره:
أماوِيّ! ما يُغني الثّراءُ عنِ الفَتى    إذا حشرَجتْ نفسٌ وضاقَ بها الصّدرُ
إذا أنا دَلاّني، الذينَ أحِبّهُمْ                      لِمَلْحُودَةٍ، زُلْجٌ جَوانبُها غُبْرُ
وراحوا عِجالاً يَنفُضونَ أكُفّهُمْ                  يقولونَ قد دَمّى أنامِلَنا الحَفْرُ
ترَيْ أنّ ما أهلكتُ لم يكُ ضَرّني               وأنّ يَدي ممّا بخِلْتُ بهِ صَفْرُ
وجوه إنفاقه لماله:
أماوِيّ! أن رُبّ واحِدِ أُمّهِ                    أجَرْتُ، فلا قَتْلٌ عَلَيْهِ ولا أسْرُ
وقد عَلِمَ الأقوامُ، لوْ أنّ حاتِماً                 أرادَ ثَراءَ المالِ، كانَ لَهُ وَفْرُ
وإنّيَ لا آلو، بِمَالٍ، صَنيعَةً                          فأوّلُهُ زادٌ، وآخِرُهُ ذُخْرُ
يُفَكّ بهِ العاني، ويُؤكَلُ طَيّباً               وما إنْ تُعَرّيهِ القِداحُ ولا الخَمْرُ
عاش الحياة حلوها ومرها ولم يتغير:
عُنينا زماناً بالتّصَعْلُكِ والغِنى كما          الدّهرُ، في أيّامِهِ العُسْرُ واليُسرُ
كَسَينا صرُوفَ الدّهرِ لِيناً وغِلظَةً             وكُلاًّ سَقاناهُ بكأسَيهِما الدّهْرُ
فَما زادَنا بَأواً على ذي قَرابَةٍ               غِنانا، ولا أزرى بأحسابِنا الفقرُ
فقِدْماً عَصَيتُ العاذِلاتِ، وسُلّطتْ      على مُصْطفَى مالي، أنامِلِيَ العَشْرُ
المفردات:
ماويُ: اسم زوجته – العذر: المعذرة  غاد ورائح: آت وذاهب- الذكر: أحاديث الناس الطيبة بعد رحيله. النزر: القليل.الحشرجة:تحرك النفس الأخير في الصدر عند الموت.
الملحود:القبر.الوفر:الزيادة. لا ألو: لا أقصر- الصنيعة: المعروف- الذخيرة: ما يدخره الإنسان لحياته ومماته. العاني: الأسير- تعريه: تزيله وتذهبه. التصعلك: الفقر. صروف الدهر: حوادثه- البأو: العلو والطغيان. أزرى بأحساينا: حط بها. العازلات: اللائمات.
التوضيح: -عتاب حاتم لزوجته ماوية:
نداء حاتم لزوجته ( ماوية) بأن طال بعاده وهجره بسبب عتابها له على إنفاقه المال. ويبين أن المال في الحياة ذاهب ويبقى منه ما يتركه لصاحبه من أحاديث طيبة بعد رحيله. وأن لا يرد سائل بحجة أن ماله قليل، وبأنه لا يتبع العطاء بالزجر والتعنيف وإذا منع يبين السبب
-لا ينفعه ماله ولا يأخذ ه معه لقبره:
ثم يخاطب زوجته بماذا ينفع المال إذا بلغت الروح الحلقوم.وماذا يفيد المال إذا أنزلوه أحبابه في القبر وذهبوا ينفضون التراب ، ويشكون آلام الحفر.في هذه الحالة لم يضره ما أنفقه، ولم ينفعه ما بخل به.
-وجوه إنفاقه لماله:
يبين وجوه إنفاقه للمال من ذلك: إجارة المحتاج وحيد أمه فلا يلحقه القتل أو الأسر.وينفقه في وجوه الخير؛ ليترك به ذكرى طيبة. كذلك يفك به الأسير ويأكله طيباً ليس في الخمر والشراب عاش الحياة حلوها ومرها ولم يتغير.
يبين أن الفقر والغنى لا يدومان فأيام الدهر بين العسر واليسر.فقد مر بصروف الدهر بين اللين و الغلظة ، فقد سقاه الدهر الكأسين.وفي الحالتين لم يتغير تجاه أهله.وانه لا يبالي بلائميه.
البلاغة:
القصيدة مليئة بالأساليب التي تلعب دوراً مهماً في توضيح الهدف الذي يسعى إليه الشاعر، ومن هذه الأساليب :
أسلوب النداء كما في ندائه لزوجته ( ماوية) وقد حذف التاء للترخيم، فقال: (أماوي) ، واستخدم أداة النداء الهمزة ؛ ليبين البعد والفجوة بينه وبين زوجته بسبب عتابها له على إنفاقه المال.
الأمر في قوله: (اعلمي)، يفيد النصح والإرشاد.
(يا ابنة القوم) يفيد التوبيخ ؛ أي كيف بابنة قوم تفعل ذلك.
(طال التجنب والهجر): صور التجنب والهجر بأشياء مادية تطول وتبعد.
)المال غاد ورائح): صور المال بإنسان أو شيء مادي يذهب ويأتي.( يبقى من المال الأحاديث والذكر: (صور المال بإنسان يبقى منه الأحاديث والذكر بعد رحيله. (كُسينا صروف الدهر):صور أحداث الدهر بثياب يكسى بها الإنسان.
التضاد الذي يقوي المعنى بين:(غاد ورائح)- (مانع وعطاء)- (العسر و اليسر)- (لين وغلظة) – (أهلكت وبخلت(
الإعراب:
)طال التجنب):طال فعل ماض مبني على الفتح. التجنب: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
)إن المال غاد ورائح): المال اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة، غادٍ: خبر إن مرفوع بحركة مقدرة، الواو عاطفة    رائح: معطوف على غاد مرفوعة بالضمة الظاهرة.
) حشرجتْ نفس): حشرج فعل ماض مبني على الفتح

التاء : تاء التأنيث. نفس: فاعل مرفوعة بالضمة الظاهرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق