شرح أبيات قصيدة عروة بن الورد
إعداد وشرح وتحليل .د .أبوهداية محمد إسماعيل محمد
إعداد وشرح وتحليل .د .أبوهداية محمد إسماعيل محمد
الشاعر
والنص:
عروة بن الورد ، من
أبرز الشعراء الصعاليك الذين عرفتهم الجاهلية كان يجمع الصعاليك ويغزو بهم، ولذا
سمِّي ” عروة الصعاليك ” ، و“أبو الصعاليك ”.وشعره صوره صادقة لحياته التي عاشها.
وقطعته الشعرية هذه
تصور بوضوح وجلاء رؤيته للصعلوك الذي يستحق الحياة. والقصيدة عبارة عن لوحتين إحداهما للصعلوك الجريء،
والأخرى للصعلوك
الخامل.
النص: اللوحة الأولى( الصعلوك
الخامل) :
لحى اللَّهُ صُعلوكاً، إذا جَنّ
ليلُهُ مُصافي المُشاشِ، آلفاً كلَّ مَجزر
أعُدّ الغِنى من نفسه، كلّ ليلة أصابَ قِراها من صَديقٍ ميسَّر
ينامُ عِشاءً ثم يصبحُ ناعساً
يحُتُّ الحَصى عن جنبِهِ المتعفِّر
قليلُ التماسِ الزادِ إلاّ لنفسِهِ إذا هو أمسَى
كالعريشِ المجوَّر
يُعينُ نِساء الحيّ، ما يَستعِنّه ويمسي طليحاً، كالبعير المحسَّر
اللوحة
الثانية( الصعلوك الجريء( :
ولله صُعلوكٌ، صفيحةُ وجهِهِ كضَوءِ شِهابِ
القابس المتنوِّر
مُطِلاَّ على أعدائِهِ يَزجرونَه بساحتِهم، زَجرَ المَنيح المشهَّر
إذا بَعُدوا لا يأمنون اقترابَه تشوُّفَ أهل الغائب المتنظَّر
فذلك إن يلقَ المنيّة يَلْقَها حميداً، وإن
يَستَغنِ يوماً، فأجدِر
المفردات:
لحاه الله : قبحه
ولعنه. الصعلوك: الفقير. المشاش : رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها. المجزر : موضع
الجزر. الميسر: الذي نتجت إبله وغنمه فكثر لديه اللبن.العريش: خيمة من خشب أو جريد.المجور:
الساقط المتهدم.المتعفر: الذي عليه عفر وهو التراب. الطليح
: المتعب. المتحسر من الإبل: الهزيل الذي تساقط وبره المنيح: قدح يستعار يضرب به
ثم يرد لصاحبه. أجدر: أي جدير بما حققه من غنى.
الشرح
والأفكار الأساسية:
يقدم عروة بن الورد
لوحتين، الأولى:
تصور صعلوكاً خاملاً كسولاً إذا حل عليه الليل يقوم بجمع العظام
اللينة من مخلفات المجازر.
- غاية
مناه ومبتغى غناه أن يجد طعامه عند صديق ميسور الحال.
-ليس لديه أي طموح لا يفكر إلا في نفسه
وإطعام ذاته
- ينام إلى الضحى كعمود الخيمة
الملاصق للأرض.
- كثير
النوم ؛ ينام من العشاء إلى الضحى ومع ذلك يصبح ناعساً ، ومن كثرة نومه التصق
الحصى بجنبه.
-دوره في المجتمع وضيع ؛ حيث مهمته تقتصر
على إعانة نساء الحي إذا استعن به ، ومن أثر هذه
الخدمة الوضيعة ينام متعباً مهدوداً كالبعير الهزيل الذي نحل وتساقط وبره.
أما اللوحة الثانية التي
يعجب بها عروة ويفخر بها:
-
فهي لصعلوك وجهه منور كالمصباح المنير.
-له حضور ووجود ودور مشرِّف في المجتمع ،
لا يقبل الذل والمهانة ، عينه على أعدائه يحاولون بشتى الطرق إبعاده عن ساحتهم.
-وإن بعدوا عنه لا يأمنونه فهم في ترقب
له كترقب من ينتظر غائباً عزيزاً عليه.
- وهو لا يخاف الموت، إن مات ،مات محمود السيرة، وإن عاش عاش غنياً بما حققه من غنى.
- وهو لا يخاف الموت، إن مات ،مات محمود السيرة، وإن عاش عاش غنياً بما حققه من غنى.
البلاغة
والأساليب:
-
) لحى الله
صعلوكاً):أسلوب دعاء بالقبح واللعنة.
-
( مصاف المشاش آلفاً كل
مجزر): صور الصعلوك الخامل بخنزير أو حيوان يبحث عن الفضلات.
-
) قليل التماس الزاد إلا
لنفسه): دلالة على الأنانية وحب الذات وانعدام النخوة والمروءة.
- ( إذا هو أضحى كالعريش
المجور):صور الصعلوك الخامل بعمود الخيمة الملقى على الأرض ، وهذا دلالة على الكسل
والخمول وعدم النشاط.
-
(ينام عشاءً ثم يصبح ناعساً ): دلالة على الكسل والوخم.
-
(يحت الحصى عن جنبه المتعفر):دلالة على كثرة النوم
-
(يعين نساء الحي ما يستعنه):إيحاء بعدم الكرامة والنخوة فهو لا
يتعامل إلا مع النساء.
-
(فيضحى طليحاً كالبعير المحسر):صور الصعلوك في هزله وضعفه بالبعير
المتعب الهزيل الذي تساقط وبره.
-
)ولله صعلوك): تقديم
وتأخير يوحي بمكانة هذا الصعلوك وقدره.
-(
ولله صعلوك صفيحة وجهه كضوء شهاب القابس المتنور):تصوير لوجه الصعلوك النشيط في
توقده ويقظته ولمعانه بالمصباح المنير.
-
)وإن بعدوا لا يأمنون
اقترابه) :دلالة على تخوف الأعداء منه وأخذهم الحيطة والحذر منه.
-
)وإن يلق المنية يلقها
حميداً):دلالة على مواجهته الموت ببسالة
الإعراب:
- (لحى الله صعلوكاً): لحى: فعل ماض مبني على الفتح. الله: لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. صعلوكاً:
مفعول به منصوب بالفتحة.
- (ينام عشاءً): ينام : فعل
مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة . والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. عشاءً : مفعول به
منصوب بالفتحة الظاهر.
- (لله صعلوك):لله:
جار ومجرور خبر مقدم. صعلوك: مبتدأ مؤخر.
بارك الله فيك
ردحذف