الأحد، 11 فبراير 2018

نص قصيدة حسان بن ثابت في مدحه للرسول (ص)


إعداد وشرح وتحليل  .د .أبوهداية محمد إسماعيل محمد
التعريف بالشاعر:
هو أبو الوليد حسان بن ثابت الأنصاري ، من قبيلة الخزرج التي استقرت في المدينة، نشأ في الجاهلية ، وقال الشعر يمدح الملوك والأمراء.
ولما هاجر الرسول ( صلى الله عليه وسلم)إلى المدينة، أسلم حسان ودافع عن الرسول والمسلمين وهجا المشركين من القرشيين هجاء شديداً. عاش طويلاً ومات سنة 54هـ بعد أن كف بصره. ويقال إنه عاش ما يقرب من مائة وعشرين سنة، نصفها في الإسلام.
نحاول هذه المحاضرة أن تقف على الشاعر : حسان بن ثابت ، في قصيدته التي يمدح فيها الرسول ( صلى الله عليه وسلم).
القصيدة:
فَإمّا تُعْرِضُوا عَنّا اعْتَمَرْنَا،           وكانَ الفَتْحُ، وانْكَشَفَ الغِطاءُ
وإلاّ، فَاصْبِرُوا لِجِلادِ يَوْمٍ،                        يُعِزُّ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ
 وَجِبْرِيلٌ أمِينُ اللَّهِ فِينَا،                 وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ أرْسَلْتُ عَبْداً                يَقُولُ الحَقَّ إنْ نَفَعَ البَلاءُ
شَهِدْتُ بِهِ، فَقُومُوا صَدِّقُوهُ!                  فَقُلْتُمْ: لا نَقُومُ وَلا نَشَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ يَسّرْتُ جُنْداً،           هُمُ الأنْصَارُ، عُرْضَتُها اللَّقَاءُ
 لَنَا في كُلّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ                  سِبابٌ، أوْ قِتَالٌ، أوْ هِجاءُ
فَنُحْكِمُ بالقَوَافي مَنْ هَجَانَا،             وَنَضْرِبُ حِينَ تَخْتَلِطُ الدمَاءُ
ألا أبْلِغْ أبَا سُفْيَانَ عنّي،                    فَأنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ
بِأنّ سُيُوفَنَا تَرَكَتْكَ عَبْداً،                وَعَبْدَ الدّارِ سَادَتُهَا الإمَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمّداً، فَأجَبْتُ عَنْه                   وَعِنْدَ اللَّهِ في ذاكَ الجَزَاءُ
أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ،                 فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ
هَجَوْتَ مُبَارَكاً، بَرَّاً، حَنِيفاً،                  أمِينَ اللَّهِ، شِيمَتُهُ الوَفَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ،              وَيَمْدَحُه، ويَنْصُرُهُ سَوَاءُ
فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي                  لِعِرْضِ مُحَمّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ
شعره:
يمكن أن يقسم شعر حسان إلى قسمين، لكل منهما خصائصه ومميزاته، وهذا التقسيم مرتبط بحياة حسان الزمنية : فقد عاش نصفها الأول في الجاهلية ونصفها الثاني في الإسلام.
كان حسان في الجاهلية شاعر الخزرج، ولقد أتيح لحسان في تلك الفترة خير الفرص التي كانت تتاح للشعراء
وكان شعره في الفترة الأولى من حياته قوياً متصفاً بالجزالة والفخامة يحوي كثيراً من الألفاظ الغريبة.
وفي الفترة الثانية من حياته ، كان حسان شاعر النبوة وشاعر الإسلام.
والدين الجديد قد حد من حرية الشعراء جميعاً، فاقتصر بذلك شعر حسان على هجاء الكفار ومدح الرسول والدفاع عن الإسلام والدعوة إليه. كما أن السن كانت قد تقدمت به، فتولت عنه قفزات الخيال واندفاعات الشباب ، وكان مضطراً إلى أن يقول الشعر مرتجلاً بكثرة ؛ لتعدد الدواعي المتجددة دفاعاً عن الإسلام والنبي والمسلمين ؛ لهذا كان شعره في الإسلام أضعف من شعره في الجاهلية، وليس بصحيح ما ذهب إليه النقاد من أنحسان بن ثابت قد تأثر بالقرآن فضعف شعره الإسلامي؛ لأن التأثر بالأساليب القرآنية يزيد في قوة الشعر وجماله وروعته لا في ضعفه ، فشعراء الخوارج والشعراء الأمويين وخاصة الفرزدق قد تأثروا حقاً بالقرآن.
تأثر شعر حسان بالإسلام
وحظ حسان من التأثر بالإسلام يظهر من استعماله بعض ألفاظ قرآنية وإسلامية ، كالتقوى ، والسنة ، وجبريل روح القدس .وأخذ في شعره عن القرآن طريقة إقامة الدليل والدفاع عن الإسلام والرسول والجدل على نحو ما نراه واضحاً في القصيدة.
المفردات:
الجلاد: التضارب بالسيوف في القتال.روح القدس: جبريل.الكفاء: النظير. عبداً: يعني سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم). البلاء:المحنة والاختبار. شهدت:أمنت وصدقت.لنا:معشر الأنصار.معد: قريشاً. السباء: الأسر.نحكم: نرد. القوافي: القصائد.مجوف: جبان .نخب هواء: جبان لا قلب له.  عبداً:ذليلاً.الإماء:الجواري.الجزاء: المكافأة. شيمته:طبعه.الوقاء: الحفظ والحماية.

التحليل:
 - يخير قريشاً بين أمرين: إما أن يخلو الطريق ليعتمر الرسول وصحبه،فتحقن الدماء،وإما أن يستعدوا لقتال يكتب الله فيه النصر للمؤمنين به ، الناصرين دعوته.
-  يخوف قريشاً بالهزيمة؛لأنهم مؤيدون بقوة الله ، وليس للمشركين من الله قوة.
 -
يفخر على قريش بأنه هو وقومه آزروا النبي وتقبلوا دعوته ودافعوا عنها، ويفخر بأن الله تعالى أختارهم لنصرة الرسول ( صل  الله عليه وسلم(
 -
يؤكد ما من يوم يمر إلا وللأنصار ظفر في قريش بالقتل أو السبي أو إذاعة سوء ما فعلوا من خذلانهم للرسول وعدائهم له.
 -
من تعرض لنا بالهجاء قذفناه بشعر لاذع ، ومن رام قتالنا فله الويل.
-
يتعرض لأبي سفيان المغيرة بن الحارث فيصفه بالجبن والخور، وأن سيوف الأنصار جعلته ذليلاً حقيراً، كما أن عبد الدار سقطت أبطالهم تحت سيوف الأنصار فلم يبق غير الإماء يرفعن اللواء.
يشير إلى أن أبا سفيان المغيرة بن الحارث ما كان ينبغي له أن يهجو الرسول، لأنه ليس بالنظير له، وإنما كان من عادة العرب أن ينازل الناس أمثالهم.
 -
يبالغ في الاستهانة بالمغيرة وبقومه ، فمدحهم لرسول الله ونصرتهم له أو هجاؤهم إياه سواء.
 -
إنكم إن تعرضتم للرسول بشيء ما ، فإننا نفديه بأعز ما لدينا من عرض ومال وننصره بالآباء والأبناء .

البلاغة:
فاصبروا لجلاد يوم أسلوب تهديد ووعيد.    تختلط الدماء: كناية عن شدة القتال.
فأنت مجوف نخب هواء: كناية عن الجبن.  فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء:كناية عن التحقير من شأنهم.  فقوموا: أمر يفيد الحث والنصح والإرشاد.     أسلوب الحوار: قال، قلت
الإعراب:

قال الله: قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح.       لفظ الجلالة: فاعل مرفوع بالضمة.     أبلغ أبا سفيان: أبلغ : فعل أمر مبني على السكون.     الفاعل ضمير مستتر تقديره(أنت).    أبا: اسم من الأسماء الخمسة منصوب بالألف ؛ لأنه مفعول به.    سفيانَ: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف.    أنت مجوف:أنت: ضمير مبني في محل رفع مبتدأ.    مجوف:خبر مرفوع بالضمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق