( شرح قصيدة يا
حسرة لأبي فراس الحمداني)
إعداد وشرح وتحليل .د .أبوهداية محمد إسماعيل محمد
إعداد وشرح وتحليل .د .أبوهداية محمد إسماعيل محمد
التعريف
بالشاعر
أبو فراس الحمداني: هو الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني، ولد في الموصل سنة320هـ- 932م.وهو شاعر عباسي.
أبو فراس الحمداني: هو الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني، ولد في الموصل سنة320هـ- 932م.وهو شاعر عباسي.
قُتل والده وكان أبو
فراس في الثالثة من عمره، رعاه عمه سيف الدولة، نشأ على الفروسية وحُب
القتال،وكريم الخصال. شاءت الظروف أن يأسره الروم وتطول مدة الأسر به. ولسبع
سنين كانت قصائده تلح على سيف الدولة ليفتديه من الروم .توفي سنة357ه- 967م.
مناسبة
النص:
إن أبا فراس بلغه خبر
مجيء والدته تكلم سيف الدولة في أمر مفاداة ابنها المأسور، ولكنها لم تلق عند سيف
الدولة حُسن الوفادة، بل أن سيف الدولة رأي أن يعامل أسرى الروم لديه
بالقسوة، ومن ثمَّ لقي أسرى العرب عند الروم من جراء ذلك، المعاملة نفسها، وأبو
فراس واحد من هؤلاء الأسرى عند الروم.
نحاول هذه
المحاضرة أن تقف على رومية أبي فراس الحمداني التي كتبها في أسره في بلاد الروم.
القصيدة:
يَا حَسْرَةً مَا أكَادُ أحْمِلُهَا،
آخِرُهَا
مُزْعِجٌ، وَأوّلُهَا!
عَلِيلَةٌ، بِالشّامِ مُفْرَدَةٌ، بَات، بأيْدي العِدى، مُعَلِّلُهَا
عَلِيلَةٌ، بِالشّامِ مُفْرَدَةٌ، بَات، بأيْدي العِدى، مُعَلِّلُهَا
تُمْسِكُ أحْشَاءَهَا، عَلى حُرَقٍ تُطْفِئُهَا، وَالـهُمُومُ
تُشْعِلُهَا
إذا اطمأنّتْ، وَأيْنَ؟ أوْ هَدَأتْ،
عَنّتْ لَهَا
ذِكْرَةٌ تُقَلْقِلُهَا
تَسألُ عَنّا الرُّكْبَانَ،
جَاهَدَةً بِأدْمُعٍ مَا تَكَادُ تُمْهِلُهَا
يا مَنْ رَأى لي، بِحصْنِ
خَرْشَنَةٍ، أُسْدَ شَرىً،
في القُيُودِ أرْجُلُهَا
يَا مَنْ رَأى لي الدّرُوبَ،
شامِخَةً دُونَ لِقَاءِ الحَبِيبِ أطْوَلُها
يا مَنْ رَأى لي القُيُودَ،
مُوثَقَةً عَلى
حَبِيبِ الفُؤادِ أثْقَلُهَ!
يَا أيّهَا الرّاكِبَانِ، هَلْ لَكُما في حَملِ نجوَى يخِفّ مَحمَلُهَا
يَا أيّهَا الرّاكِبَانِ، هَلْ لَكُما في حَملِ نجوَى يخِفّ مَحمَلُهَا
قُولا لـها، إنْ وَعَتْ مَقَالَكُمَا ، وَإنّ ذِكْري
لـهَا لَيُذْهِلُهَا
يَا أُمّتَاَ،هَذِهِ مَنَازِلُنَا نَتْرُكُهَا تَارَةً، وَنَنْزِلُهَا!
أسْلَمَنَا قَوْمُنَا إلى نُوَبِ أيْسَرُها في القلوبِ أَقْتَلُها
لَيسَتْ تَنالُ القُيوُدُ من قَدَمي، وَفي اتّبَاعي رِضَاكَ، أحْمِلُهَا
أنْتَ سَمَاءٌ، وَنَحنُ أنْجُمُهَا، أنْتَ بِلادٌ، وَنَحنُ أجْبُلُهَا!
أنْتَ سَحَابٌ، وَنَحْنُ وَابِلُهُ، أنْتَ يَمِينٌ، وَنَحْنُ أنْمُلُهَا! بِأيّ عُذْرٍ، رَدَدْتَ وَالِهَةً، عَلَيْكَ، دُونَ الوَرَى، مُعَوَّلُهَا
جَاءتْكَ، تَمتَاحُ رَدّ وَاحِدِهَا، يَنْتَظِرُ النّاسُ كَيْفَ تُقْفِلُهَا
إنْ كُنتَ لمْ تَبذِلِ الفِداءَ لـهَا ! فَلَمْ أزَلْ، في رِضَاكَ، أبْذِلُهَا
تِلكَ المَوَدّاتُ، كيفَ تُهمِلُها؟ تِلكَ المَوَاعِيدُ، كَيفَ تُغفِلُهَا؟
تِلكَ العُقُودُ، التي عَقَدْتَ لَنا، كيفَ، وَقد أُحكِمتْ، تُحلّلُها؟
أرْحامُنا مِنكَ، لِمْ تُقَطّعُهَا؟ وَلمْ تَزَلْ، دَائِباً، توصِّلُـها؟
أينَ المعالي التي عُرِفْتَ بها، تَقُولُها، دائماً، وَتَفْعَلُها؟
يَا نَاعِمَ الثّوْبِ! كَيفَ تُبدِلُهُ؟ ثِيَابُنَا الصّوفُ مَا نُبَدِّلُهَا!
يَا أُمّتَاَ،هَذِهِ مَنَازِلُنَا نَتْرُكُهَا تَارَةً، وَنَنْزِلُهَا!
أسْلَمَنَا قَوْمُنَا إلى نُوَبِ أيْسَرُها في القلوبِ أَقْتَلُها
لَيسَتْ تَنالُ القُيوُدُ من قَدَمي، وَفي اتّبَاعي رِضَاكَ، أحْمِلُهَا
أنْتَ سَمَاءٌ، وَنَحنُ أنْجُمُهَا، أنْتَ بِلادٌ، وَنَحنُ أجْبُلُهَا!
أنْتَ سَحَابٌ، وَنَحْنُ وَابِلُهُ، أنْتَ يَمِينٌ، وَنَحْنُ أنْمُلُهَا! بِأيّ عُذْرٍ، رَدَدْتَ وَالِهَةً، عَلَيْكَ، دُونَ الوَرَى، مُعَوَّلُهَا
جَاءتْكَ، تَمتَاحُ رَدّ وَاحِدِهَا، يَنْتَظِرُ النّاسُ كَيْفَ تُقْفِلُهَا
إنْ كُنتَ لمْ تَبذِلِ الفِداءَ لـهَا ! فَلَمْ أزَلْ، في رِضَاكَ، أبْذِلُهَا
تِلكَ المَوَدّاتُ، كيفَ تُهمِلُها؟ تِلكَ المَوَاعِيدُ، كَيفَ تُغفِلُهَا؟
تِلكَ العُقُودُ، التي عَقَدْتَ لَنا، كيفَ، وَقد أُحكِمتْ، تُحلّلُها؟
أرْحامُنا مِنكَ، لِمْ تُقَطّعُهَا؟ وَلمْ تَزَلْ، دَائِباً، توصِّلُـها؟
أينَ المعالي التي عُرِفْتَ بها، تَقُولُها، دائماً، وَتَفْعَلُها؟
يَا نَاعِمَ الثّوْبِ! كَيفَ تُبدِلُهُ؟ ثِيَابُنَا الصّوفُ مَا نُبَدِّلُهَا!
الأفكار:
تتضمن القصيدة أفكاراً
أهمها:
- حسرة الشاعر
لما يلاقي من آلام وأشواق وهو بعيد عن أهله وفي أسره.
- يعصف الحنين في صدر الشاعر إلى أمه،
فيصف حالها وهي المريضة في الشام، ويصف جزعها عليه، وسؤلها المسافرين عن وحيدها المأسور في
بلاد الروم.
- جواب الشاعر على سؤال أمه عنه، وإظهار
خوفه عليها، وشوقه لها، ووصف آلامه ومتاعبه في الأسر وما يتحمله من معاناة، ثم بيان تباطؤ ابن
عمه في افتدائه
وفك
أسره.
- حواره العاتب مع ابن عمه الذي يقدم فيه صور الوفاء والحب له،
مقيماً معادلة بين
حالته
المنعمة وبين ما هو عليه الآن وهو في الأسر عند الروم في شقاء وعذاب، فبينما كان هو يعتلي
ظهور الخيل حُراً طليقاً، يلبس أفخر الثياب ويُخدم كالأمراء، كان الروم مقيدين في الأسر، يلبسون الصوف ويقومون
بالأعمال الشاقة
التي يفرضها الأسر.
التحليل:
القصيدة يسيطر
عليها تياران:
-
تيار طلب الفداء الذي نلمسه في مدح أبي فراس لسيف الدولة ، وحبه ووفائه له؛ فإذا كان سيف
الدولة سماء ( فنحن أنجمها)، وإذا كان بلاداً ( فنحن أجبلها). وإذا كان سحاباً( فنحن وابله(
وخلال هذا التيار يحث أبو فراس سيف الدولة على الفداء تارة
بالتلميح وطوراً
بالتصريح
فتبدوا حرقة أبي فراس من جراء الغربة وحاجته إلى الحرية.
- والتيار الثاني هو المتمثل في تلك
المقابلة المؤلمة بين أمير حلب وأسرى الروم وأسرى العرب عند الروم، وفي ذلك تقريع يوجهه إلى
أميره، وهو أقسى من
الهجاء
الصريح.
البلاغة
والأساليب:
-الألفاظ في
القصيدة قريبة المدلول لا أثر لعامل الإيحاء والتصوير عليها.
- العبارات
خالية من التعقيد؛ لأنها تعبر عن حالة نفسية واضحة لا تعقيد فيها.
-يفرط أبو فراس في هذه
القصيدة في النداء وفي أسلوب الاستفهام المليء بالحيرة والألم والتمزق؛ وذلك لما يُرى في الأسلوبين من تجاوب مع
آلامه.من ذلك:كيف
تثقلها؟
كيف تهملها؟ كيف تغفلها؟ كيف تحللها؟ لِمْ تقطعها؟
_ تتوالى التذكرات
تحاول أن تتلمس في قلب سيف الدولة مكاناً لما يذكره أبو فراس عن(تلك المودات)، وعن(تلك المواعيد)، وعن(تلك العقود).
_ (الهموم تشعلها):
استعارة، حيث شبهت كثرة الهموم التي تُحدث حرقة في الأحشاء بالنار المشتعلة، وحذف المشبه به ورمز إليه بشيء من
لوازمه وهو( تشعلها)،
على سبيل الاستعارة المكنية.
الإعراب:
(أكاد أحملها) : أكاد: فعل
مضارع ناقص وهو للمقاربة، واسمه ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره(أنا).(أحملها):فعل مضارع
مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره، وفاعله
ضمير مستتر فيه وجوياً تقديره (أنا)، والهاء ضمير مبني على السكون
في محل نصب مفعول
به، والجملة الفعلية (أحملها) في محل نصب خبر(أكاد). )أين المعالي):أين: اسم استفهام مبني على
الفتح في محل رفع خبر مقدم وجوباً.المعالي:مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على أخره.