كلّما ارتفع المصباحُ كلمّا اتـَّسع نطاق ضوئه ، فارتفع أنت ، بدينك ،بخلاقك، بتفكيرك ،بقدراتك، لكي يتسع نطاق عطائك ، وتأثيرك الإيجابي في الحياة
الأربعاء، 15 يناير 2014
الاثنين، 6 يناير 2014
قصيدة العودة لأبراهيم ناجي شرح وتعليق الدكتور أبوهداية محمد إسماعيل:
قصيدة العودة للشاعر الرومانسي المصري أبراهيم ناجي:
بث الشاعر
أشجانه وأحزانه لرؤية دار أحبابه وقد هجروها،وقد ناجى تلك الدار في حسرة وألم ،واسترجع
فيها ذكرياته السابقة فيها.
للشاعر:إبراهيم أحمد ناجي
-
شاعر مصري ولد بالقاهرة في 1898م
-
تخرج في كلية الطب وعمل طبيباً بوزارة
الصحّة .
-
كان يجيد اللغة الانجليزية والفرنسية –
إلى جانب ثقافته العربية الواسعة.
-
ترجم بعض الآثار الأدبية الإنجليزية إلى
العربية.
-
كان مولعاً بكتابة الشعر منذ الصغر .
-
جاء شعره وجدانياً رقيقاً يعبر عن نزعة
رومانسية حزينة ولقد أغرق في التأمل في إعماق ذاته لأنّ مدرسته الشعرية هي
التجديدية(الرومانسية).
مناسبة النصّ:
غاب الشاعر
عن داره أحبابه بالقاهرة فترة – فلما عاد إليها وجد أهلها قد هجروها منذ حين
فأثارت في نفسه لواعج الشوق والحنين – فأخذ يناجيها بشعره ويبثها أحاسيسه الحزينة
في شعر رومانسي حزين.
النصّ :
هذه اللكعبة كنا طائفيها
والمصلينا صباحاً ومساءْ
كم سجدنا وعبدنا الحسن فيها كيف
بالله رجعنا غرياء
دار أحبابي وحبي لقيتنا في جمود مثل ما تلقى الجديد
انكرتنا وهي كانت إذا رأتنا
يضحك النور إلينا من بعيد
المفردات: الكعبة:
بيت الله الحرام،والمراد هنا دار الأحباب،فهي تبدو كالكعبة في حرمتها وقدسيتها في
نظره.
المعنى: يشير إلى
دار أحبابه قائلاً:هذه الدتر كانت لنا كعبة نطوف حولها ونصلي في خشوع للحسن
المتجلي فيها صباحاً ومساء،فكثيراً ما سجدنا وعبدنا الحسن فيها فكيف نرجع إليها
فنجد أنفسنا فيها غرباء،لقد أنكرتنا دار أحلامي وحبي فلقيتنا بجمود كما تلقى من لا
صلة له بها من قبل،لقد انكرتنا اليوم بعد أن كان في الماضي تستقبلنا ببشر وفرح
حتّى لكان النور يضحك إلينا ونحن قادمون إليها من بعيد.
الصورة الجمالية:استعار
الكعبة لدار أحبابه،وشبه نفسه بالطائف بها والمصلي فيها ، واستعار السجود والعبادة
للحسن مشبهاً الخضوع للحسن بالعبادة والسجود،وكنّى عن دار أحبابه بقوله :دار
أحلامي وحبي،وشخّص الدار في أن جعلها تنكرهم وتلقاهم،وشخص النور بان استعار له
الضحك.
رفرف القلب بجني كالذبيح
وأنا أهتف يا قلب اتئد
فيجيب الدمع والماضي الجريح لما عدنا ؟ ليت أنّا لم نعد
لما عدنا ؟ أولم نطوِ الغرام وفرغنا من حنين وألم ؟
ورضينا بسكون وسلام وانتهينا لفراق كالعدم
المفردات:اتئد: تمهل
وخفف من خفقانك.
المعنى: لقد رفف
القلب الحزين والجريح حزناً على فراق الأحباب وأنا أدعوه للتصبر والتمهل، فيجيبني
دمعي وذكرياتي الماضية الحزينة لم عدنا إلى هذه الدار مرة أخرىليتنا لم نكن قد
عدنا إليها، لم عدنا إليها بعد أن طوينا
بالأمس الغرام وفرغنا من ألمه وحزنه ورضينا براحة القلب وسكونه بعد أن استسلمنا
لفراق كالموت،والاستفهام يفيد العتاب والتوبيخ.
الصورة الجمالية: شبه القلب
في خفقانه بالذبيح وشخّص الدمع بان جعله يجيبه متسائلاً وشبه الفراق بالموت.
أيّها الوكر إذا طار الأليف لا يرى الآخر معنى للهناءْ
ويرى الأيام صفراء كالخريف
نائحات كرياح الصحراءْ
آه مما صنع الدهر بنا
أو هذا الطلل العابس أنتا ؟
والخيال المطرق الرأس أنا
شدّ ما بتنا على الضنك وبتا
المفردات: العابس:مقطّب
الوجه(المراد أن الدار تغيرت بشاشتها)،الضنك: الشدة والحزن.
المعنى: يناجي
الشاعرالدار ويشبهها بعد هجره أحبابه عنها بوكر طائرين إذا طار أحدهما لايذوق
الآخر طعماً للحياة ولا يحس فيها بالهناء ،ويرى الأيام حزينة شاحبة صفراء تنوح مثل رياح الصحراء،ثم يبدي الشاعر أساه مما
فعله الدهر به وبدار أحبابه فيقول لها متعجباً ومتسائلاً:أهذا الطلل العابس الوجه
الذي أراه أمامي أنتِ ؟ وهذا الخيال المطرق الرأس أنا ؟ أراد إنه أصبح هزيل
الجسم،لقد بتنا- أنا وأنت- على الهم والحزن والضيق والاستفهام يفيد التعجب.
الصورة الجمالية:استعار
الوكر الدار،وشبه نفسه وأحبابه بطائرين ألفين إذا طار أحدهما لا يحس الآخر طعماً
للحياة،وجسّد الأيام بان جعل لها جسداً أصفر يرى،وكنّى باللون الأصفر الذي وصف به
الأيام عن الحزن والبؤس واستعار النواح للأيام تشبيهاً لها بالإنسان وشبه نواحها
بنواح رياح الصحراء،ويكون بذلك قد شخّص الرياح بان استعار لها النواح مشبهاً
دويّها بالنواح ،وشبه نفسه بالخيال.
أين ناديك وأين السمر
اأين أهلوك بساطاً وندامى ؟
كلما أرسلت عيني تنظر
وثب الدمع إلى عيني وغاما
موطن الحسن ثوى فيه
السأم وسرتْ أنفاسه في جوه
وأناخ الليل فيه وجثم وجرت أشباحه في بهوه
المفردات:غام الدمع:صار
كالغيوم تغطي العيون وتحول دونها
والنظر،ثوى:أقام،أناخ الليل: نزل وأقام،جثم:تبلد ظلامه بالأرض ولصق بها،البهو:منزل
الضيوف في البيت.
المعنى:يسأل الشاعر
الدار:أين ناديك ومجالس سمرك،وأين بساط أهلك وما كان فيه من ندامى يتسامرون،كلما
نظرت عيني إلى تلك الدار وثب الدمع إلى عيني وحال دونها والنظر،فبعد أن كانت تلك
الدار موطناً للحسن حلّ فيهاالسأم وسرتْ أنفاسه الموحشة في جو الدار،ونزل الليل
وجثم فيها وجرت أشباحه المخيفة في بهوها،وذلك كناية عن الوحشة التي حلّت بالدار
بعد رحيل أحبابه عنها،والأستفهام في البيت يفيد الحسرة.
الصورة الجمالية: استعار
الوثوب للدمع،وكنى عن الداربموطن الحسن،وجسد السأم بان جعله يقيم في تلك الدار،وقد
سرت أنفاسه فيها،وجسد الليل بان جعلهينيخ بالدار ويجثم فيها،وجعل له أشباحاً تجري
فيها،وكنى بإقامة الليل في الدار بالوحشة.
والبلى أبصرته رأي العيان
ويداه تنسجان العنكبوتْ
صحت ياويحك تبدو في مكان
كلّ شئٍ فيه حيّ لايموتْ
كلّ شئٍ من سرور وحزن
والليالي من بهيج وشجى
وأنا أسمع أقدام الزمن وخطى الوحدة فوق الدّرجْ
المفردات: رأي
العيان:أي شاهده مشاهدة لاتدع مجالاً للشك، الدرج : الطريق.
المعنى: لقد رأيت
البلى بعين المشاهدة والبلى قد حلّ بتلك الدار وكأنه شخص تنسج يداه نسيج العنكبوت
في أركانها،وعندها صحت فيه متحسراً لم ظهرت في هذا المكان الذي مازال مليئاً بذكريات
الحب الخالدة التي لا تموت أبد الدهر،إنّ كل شئ مرّ بي في هذه الدار من سرور وحزن
وبهجة وألم لا يزال حياً بذاكرتي ،فكأني أسمع أقدام الزمن الذي مرّ بتلك الدار،وأسمع
خطى الوحدة والوحشة فوق الطريق.
الصورة الجمالية: جسد البلى فجعله
يُرى ويشاهد وجعل له يدان،وجسد الزمان والوحدة بان جعل لهما أقداماً وخطى تُسمع.
سمات النص :
1-
تظهر فيه ملامح التجديد في الآتي :
أ-
النص صدى لما يجيش بنفس الشاعر من خواطر بثها
في شعر رقيق الإحساس.
ب-
تنوع القافية: إذا جعل لكل بيتين قافية
واحدة.
ت-
مزج الشاعر عواطفه بوصف مشاهد الدار.
2-
تظهر مظاهر وملامح الرومانسية في عاطفة
الشاعر المحزنة.
3-
الإكثار من استخدام عنصري التجسيد
والتشخيص.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)